غابرييل باتيستوتا الأسد الملك
غابرييل باتيستوتا أسطورة فيورنتينا |
إهداء إلى الصديق العزيز أسامة حسني
غابرييل عمر باتيستوتا هو مهاجم أرجنتيني إشتهر في تسعينيات القرن الماضي و كان أحد أفضل المهاجمين في العالم ، خلد باتيجول إسمه في تاريخ الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا ، حيث عاش في فلورينسا الفرح و الدموع ، لكنه لم يستسلم أبدا حتى عندما هبط فريقه إلى دوري الدرجة الثانية .
تلقيت الكثير من العروض ، تحديدا من ريال مدريد و مانشستر يونايتد و ميلان ، لكنني فضلت فيورنتينا
لم تكن إيطاليا تعرف أي نقص في المهاجمين الكبار ، فلاعبون مثل رونالدو و باجيو ، فييري و ديل بييرو ، جورج وياه و إيفان زامورانو و غيرهم كلهم نجوم صنعت أسطورة جنة كرة القدم ، لكن صورة باتيستوتا عندما يجري و يضخ إحتفاله بالهدف و هو يرتدي القميص البنفسجي ستبقى راسخة في ذاكرة من عاصروا ذلك العهد أو سمعوا قصصا عنه .
فمن هو غابرييل باتيستوتا ؟ و كيف أصبح أحد أساطير الكالتشيو الجميل ؟ الأسطر التالية ستبرز هذه المسيرة الخالدة
1 ) البدايات
ولد غابرييل باتيستوتا يوم 1 فبراير 1969 بمدينة أفيلاندا لعائلة ميسورة الحال تعود جذورها إلى إيطاليا ، و في سن السادسة بدأ ممارسة كرة القدم دون شغف كبير في البداية رغم إعجابه بالمنتخب الأرجنتيني الذي فاز بكأس العالم 1978 و خاصة باللاعب ماريو كيمبيس ، ثم لعب في كرة الطائرة و كرة السلة إلى حين بلوغه 16 سنة حيث إنضم لناد محلي صغير يدعى بلاتينسي .
في إحدى المرات لفت إنتباه مدرب الخصم مارسيلو بيسلا الذي كان يشرف على نادي نيولز أولد بويز ، و وقع معهم عقده الاحترافي الأول عام 1988 . و هناك لم يتأقلم باتيستوتا جيدا بسبب بعده عن عائلته و زيادته الملحوظة في الوزن ، المشكلة التي أدت إلى إبطاء تقدمه ، لهذا قرر بيسلا إعارته إلى فريق أصغر يدعى " ديبورتيفو إيتاليانو " ، و عند لعبه في إحدى البطولات سجل ثلاثة أهداف جعلته ينتقل إلى مستوى إحترافي آخر .
2 ) في الأرجنتين
في 1989 إنتقل باتيستوتا إلى ريفربلايت أحد أكبر الفرق الأرجنتينية مسجلا 17 هدفا في النصف الأول من الموسم ، لكن تم سحبه من التشكيلة الأساسية للفريق من قبل المدرب دانييل باساريلا في لغز محير لأنه لم تكن هناك أي خلافات بين الطرفين لذلك قرر اللاعب الرحيل نحو الغريم الأزلي بوكا جونيورز .
يقول باتيستوتا أنه إذا عاد يوما للأرجنتين فلن يلعب سوى لبوكا جونيورز |
لم تكن البدايات مع فريقه الجديد مقنعة و وجد صعوبة في إستعادة مستواه ، لكن في الموسم الثاني و مع وصول أوسكار تاباريز لتدريب البوكا تغير كل شيئ عندما أعاده إلى مكانه المفضل قلب الهجوم ليقود الفريق للفوز ببطولة الدوري الأرجنتيني ، و تسجيله ل 13 هدف في كوبا ليبرتادوريس قبل أن ينسحبوا في نصف النهائي أمام مونتيفيديو ناسيونال الكولومبي .
3 ) مسيرة باتيستوتا مع فيورنتينا
الهبوط و العودة و لقب الهداف
أثناء لعبه في بطولة كوبا أمريكا 1991 التي سيفوز بها لاحقا و يتوج هدافا لها ، لفت آلة التسجيل أنظار رئيس فيورنتينا الإيطالي الذي لم يتأخر و تعاقد معه على الفور . إنتهى الموسم الأول للنجم الأرجنتيني بشكل سيئ نوعا ما حيث سجل 13 هدفا ، لكن الموسم التالي كان أسوأ و لم تكفي أهداف باتيستوتا ال16 في بقاء فريقه في الدوري الإيطالي لينزل إلى " سيري ب " و إنفجر اللاعب من البكاء بسبب هذه الكارثة .
سجل باتيجول ( مزيج بين إسمه و كلمة هدف ) 16 هدفا جديدا و أعاد الفيولا إلى دوري الدرجة الأولى ، و منذ هذا الوقت وجد لاعبنا هدفه الحقيقي و بدأ في ترك بصمته في تاريخ الكالتشيو ، ففي موسم 1994/1995 أحرز 26 هدفا كانت كفيلة بإعتلائه قائمة هدافي البطولة الأشرس دفاعيا في العالم ، كما قدم نفسه كواحد من المهاجمين الباريزين تخشاه كل الفرق التي يلعب ضدها .
باتيستوتا هو أحد أكثر المهاجمين تكاملا في كل الأوقات |
كأس إيطاليا و كأس السوبر
عند وصوله ل100 مباراة في الدوري موسم 1995/1996 ضد لاتسيو أقامت جماهير فيورنتينا تمثالا للاعبها الذي إستمر بالتألق و جعل الفريق الزئبقي يتوج بكأس إيطاليا في البداية عندما سجل هدفين ذهابا و إيابا أمام أتالنتا ، ثم فاز بلقب السوبر الإيطالي ضد ميلان ، و أيضا التأهل للمشاركة في كأس الإتحاد الأوروبي .
لطالما اعتبرت فلورنسا مدينتي ، لا داعي أن أشرح حبي لهذه المدينة
مع هذا فإن الموسم القادم سيكون أقل نجاحا ، و إحتل فيورنتينا المركز التاسع المخيب للآمال ، رغم أنهم وصلوا إلى الدور نصف النهائي من المسابقة الأوروبية ، لكنهم إنسحبوا أمام برشلونة بعد أن تعادلوا في الذهاب بالكامب نو 1-1 ، و سجل باتيستوتا الذي تعرض لصافرات الأستهجان طيلة المباراة هدفا جميلا أسكت به المدرجات ، لكنه حرم من المشاركة في لقاء العودة بسبب تراكم البطاقات ، ما أدى إلى خروج الفريق البنفسجي .
الهداف التاريخي للفيولا و الوداع
في المواسم الثلاثة التالية نجح المهاجم الذي لقب ب " قلب الأسد " في تسجيل أكثر من 20 هدفا في كل موسم يلعبه في الكالتشيو ، و هذا مثير للإعجاب حقا لأنه كان يلعب في الدوري الأقوى عالميا و من الصعب التسجيل فيه ضد كل تلك الدفاعات القوية ، إلا أن باتيجول كان مهاجما إستثنائيا أراد الفوز بالبطولة التي طالما صال و جال فيها ما جعله يفكر في الإنتقال نحو فريق أكبر .
باتيستوتا يشير إلى غاري نيفيل بالهدفان الذان سجلهما ضد مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا |
و على الفور أزال المدرب جيوفاني تراباتوني كل تلك الأفكار عن نجم الفريق الأوحد و وعده أنه سيبذل قصارى جهده لإحراز اللقب خاصة بعد إحتلالهم المركز الثالث في موسم 1998/1999 . لكن حتى في الموسم القادم لم تسر الأمور على نحو جيد و لم ينجح الفيولا في الفوز بالبطولة ، بل كان الأمر أسوأ و نالوا المرتبة السابعة رغم أن باتيستوتا سجل 23 هدفا بالدوري و 6 أهداف بدوري أبطال أوروبا ، لذلك قرر أخيرا الرحيل عن فلورنسا بعد أن قضى 9 مواسم هناك بحلوها و مرها ، و تربع أيضا على قائمة هدافي النادي التاريخيين برصيد 207 أهداف .
4 ) الإنتقال إلى روما و لقب السكوديتو
جئت إلى روما لأن الرئيس و المدرب هنا لديهم إرادة كبيرة للفوز ، و هذا ما أملكه أيضا ، أريد الفوز بالدوري الإيطالي لهذا السبب قلت لا لمانشستر يونايتد
قدرت صفقة إنتقال باتيستوتا ألى روما ب36 مليون يورو ، و عند إنضمامه الذئاب كان القميص رقم 9 خاصا باللاعب فينشينزو مونتيلا لذلك إرتدى القميص رقم 18 ، لكن مع هذا فقد نال مراده و قاد فريق العاصمة للفوز بلقب الدوري الإيطالي للمرة الأولى منذ عام 1983 مع مساهمة لافتة للنظر بعد تسجيله ل20 هدفا ، و كان هذا العدد هو رقم قميصه الذي سيلعب به في الموسم القادم .
باتي يحتفل بهدف الفوز ضد بارما في الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي |
في المباراة التي جمعته بفريق العمر فيورنتينا سجل ضدهم هدفا كسر قلبه و جعله يخر باكيا ، لم يستطع أن يحبس دموعه أو أن يحتفل بذلك الهدف الذي كان جميلا بالمناسبة . ذهب لتحية الجماهير التي بادلته نفس الحب و لم تكن له أي ضغينة و إحترمت تلك الرغبة الجامحة لديه بالفوز بلقب السكوديتو ، رغم أنه كسر قلوبهم أيضا عندما فاز مع روما بكأس السوبر الإيطالي .
5 ) تجربة قصيرة في إنتر و الاعتزال في قطر
في الموسمين التاليين كان أداء الرجل ذو قلب الأسد أقل حدة بسبب الإصابات المتراكمة التي ألمت به ، و هذا ما سيدفعه لخوض تجربة أخيرة في إيطاليا مع نادي إنتر ميلان ، تجربة لم تكن ناجحة لأحد أفضل المهاجمين الذين مروا على جنة كرة القدم ، و هذا ما دفعه للاعتذار من جماهير النيراتزوري لعدم قدرته على تقديم تلك الإضافة الكبيرة لهم .
قرر المهاجم الأرجنتيني إكمال مسيرته في سن الرابعة و الثلاثين بقطر و وقع لصالح نادي العربي القطري مقابل 8 ملايين يورو ، و خلال 18 مباراة في الدوري إستطاع تسجيل 25 هدفا و فاز بجائزة هداف البطولة و الحذاء الذهبي الآسوي أيضا . و في عام 2005 قرر إعتزال كرة القدم بشكل نهائي بسبب تأثير الإصابة في كاحله .
لطالما أعجب الأرجنتيني بالثقافة العربية و الإسلامية |
6 ) مسيرة باتيستوتا مع الأرجنتين
البداية المثالية
لا توجد بداية أروع لأي لاعب كرة قدم مع منتخب بلاده كتلك التي كانت لباتيجول مع الأرجنتين ، ففي عام 1991 تم إستدعاءه للمشاركة في كوبا أمريكا ، و هي البطولة التي توج هدافا لها برصيد 6 أهداف ، و في العام التالي أحرز لقب كأس القارات . و تواصلت السيطرة الأرجنتينية على أمريكا الجنوبية و فازوا بنسخة كوبا أمريكا 1993 عندما سجل باتيستوتا هدفي الفوز في النهائي ضد المكسيك 2-1 .
باتيستوتا من نهائي كوبا أمريكا 1993 |
في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1994 سجل باتي عدة أهداف بما فيها هدف التأهل الحاسم ضد أستراليا في مباراة فاصلة ، لكن البطولة كانت مخيبة للآمال رغم إحراز باتيستوتا ل4 أهداف . و في كوبا أمريكا 1995 إحتل اللاعب مرة أخرى صدارة الهدافين عدى أن التانجو إنسحبوا أمام البرازيل في الدور ربع النهائي .
الإنسحاب المرير من كأس العالم 1998
خلال تصفيات مونديال فرنسا 98 أدت الخلافات بين باتيستوتا و المدرب دانييل باساريلا إلى إبتعاده عن قائمة الأرجنتين لنحو عام كامل ، لكن في النهاية تم وضع التشاحنات بينهم على جنب و تم الاستعانة به في البطولة ، كيف لا ؟ و هو يقدم كل تلك المستويات الخارقة مع فيورنتينا ، و منذ عام 1997 يعتبر الهداف التاريخي للمنتخب الأرجنتيني بعد أن تجاوز أهداف مارادونا ال34 .
إنه أفضل مهاجم شاهدته في حياتي
أحد أشهر إحتفالات باتيستوتا الذي أقيم له تمثال لأجله و كان ضد اليابان في مونديال 1998 |
سجل الأسد الملك هدف الإنتصار أمام اليابان 1-0 ثم أحرز ثلاثية ضد جامايكا في الفوز 5-0 ، و في دور الستة عشر زار شباك إنجلترا من ضربة جزاء ساهمت في تعادل المنتخبين و تأهل الأرجنتين في النهاية بركلات الترجيح ، لكن قدر لهذا المنتخب القوي أن ينسحب في نهاية المطاف أمام نجوم هولندا 1-2 بهدف دينيس بيركامب التاريخي في الدقيقة الأخيرة من اللقاء .
خيبة مونديال 2002 و الاعتزال الدولي
قدمت الأرجنتين أداءا جيدا في تصفيات كأس العالم القادمة و رشحها الكثيرون لنيل اللقب مع كل تلك النجوم ، و في غضون ذلك أعلن باتيستوتا أنه سيعتزل دوليا في كل الأحوال ، لكن المنتخب اللاتيني سقط في مجموعة الموت و لم يحقق الإنتصار سوى أمام نيجيريا بهدف سجله باتيجول نفسه ، و خسارة ضد إنجلترا 0-1 و تعادل 1-1 أمام السويد ما يجعله أول إنسحاب للألبيستي في الدور الأول منذ مونديال 1962 .
عندما يأخذ ليونيل ميسي الرقم القياسي مني ، سوف يألمني ذلك قليلا ، لكنه ليس مجرد شخص عادي يأخذ هذا الإنجاز ، إنه أحد المريخيين و هذا ما يجعلني أشعر بإحساس أفضل قليلا
يبلغ عدد أهداف غابرييل باتيستوتا مع الأرجنتين 54 هدفا سجلها خلال 78 مباراة و لا يتفوق عليه سوى ليونيل ميسي ، لكن باتي يعتبر هداف المنتخب في كأس العالم برصيد 10 أهداف ، و هو أكثر من سجل في المباريات الرسمية كذلك ، لهذا ليست مجاملة إذا إعتبرناه أفضل مهاجم أرجنتيني في التاريخ .
7 ) مهارات غابرييل باتيستوتا
كان غابرييل باتيستوتا رقم 9 مذهل حقا ، إنه رائع في إيجاد المساحات و التسديد من خارج الصندوق و جيد في الهواء أيضا ، كنت أشاهد الطريقة التي يلعب بها و لطالما إعتبرته دائما مرجعا لي
يعد باتيستوتا مهاجما إستطاع أن يجمع بين عدة خصال ، السرعة و القوة و الإصرار و المثابرة و غيرها جعلته أحد المهاجمين الأكثر رعبا في جيله . يشتهر أسلوب لعبه بالضربات الرأسية القوية ، و في الحقيقة فإن هذه القوة تنعكس على قدميه اللتان تضربان الكرة من أي مكان في الملعب ، حتى الألعاب البهلوانية كانت ضمن إختصاصه .
يملك باتيجول ذلك الشعور الذي يجعله يتمركز بشكل صحيح داخل الثلث الأخير من الملعب ، حتى عندما يكون في زاوية ضيقة فإنه سيخلق الخطر ، زد على هذا تنفيذه للركلات الحرة بشكل جيد بإعتبار أنه ليس متخصصا بها . مع كل ذلك الشغف الذي أظهره على الملعب كان باتيستوتا لاعبا قياديا و قليل المناوشات مع الخصوم .
يعرف باتيجول بتنوع أسلوب لعبه و الشراسة أمام المدافعين |
أقيم له نصب تذكاري في بيونس آيرس إلى جانب مارادونا و ميسي كأساطير ترتبط بهم الذاكرة الأرجنتينية القصيرة كإعتراف بمكانته ضمن أفضل لاعبي البلاد في تاريخها ، لكن مجموعة الإصابات التي لاحقته كانت سببا أجبره في النهاية على التقاعد و حدت من لياقته إنعكست على حياته المستقبلية بإعتبار أنه كاد أن يبتر ساقه بعد عدة سنوات من الألم الذي كان يبكي من أجله لدرجة أنه طلب من الطبيب أن يتخلى عن رجله لأن الحياة بها أصبحت لا تطاق بحسب تصريحاته .
ذلك المرض في الكاحل هو نفسه الذي أجبر ماركو فان باستن على التقاعد في سن 28 ، لكن باتيستوتا صارعه حتى النهاية بسبب تعلقه العميق بكرة القدم ، و تقول آخر الأخبار أنه إستطاع أن يمشي على قدميه كإنسان طبيعي مرة أخرى .
هذه المقالة حصرية لموقع فوتبولينو